فصل: مقتل أسفار وملك مرداويج.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل أسفار وملك مرداويج.

كان مرداويج بن زيار من قواد أسفار وكان قد سئم عسفه وطغيانه كما سئمه الناس وبعثه أسفار إلى صاحب سميران الطر الذي ملك أذربيجان بعد ذلك يدعوه إلى طاعته ففاوضه في أمر أسفار وسوء سيرته في الناس واتفقا على الوثوب عليه به فأجابوه وفيهم مطرف بن محمد وزيره فسار هو وسلار إليه وبلغه الخبر فثار به الجند فهرب إلى الري وكتب إلى ماكان بن كالي بطبرستان يستألفه على أسفار فسار إليه ماكان فهرب أسفار من بيهق إلى بست ثم دخل مفازة الري قاصدا قلعة ألموت التي حصن بها أهله وذخيرته وتخلف عنه بعض أصحابه في المفازة وجاء إلى مرداويج يخبره فسار إليه وتقدم بين يديه بعض القواد فلقي أسفار وساءله عن قواده فأخبره أن مرداويج قتلهم فسر بذلك ثم حمله القائد إلى مرداويج فأراد أن يحبسه بالري فحذره بعض أصحابه عائلته فأمر بقتله ورجع إلى الري ولما قتل أسفار تنقل مرداويج في البلاد يملكها فملك قزوين ثم الري ثم همذان ثم كنكور ثم الدينور ثم دجرد ثم قم ثم قاشان ثم أصفهان ثم جرباد واستفحل ملكه وعتا وتكبر وجلس على سرير الذهب وأجلس أكابر قواده على سرير الفضة وتقدم لعسكره بالوقوف على البعد منه ونودي بالخطاب بينهم وبين حاجبه.

.استيلاء مرداويج على طبرستان وجرجان.

قد ذكرنا أن الألفة الواقعة بين مرداويج وماكان وتظاهرهما على أسفار حتى قتل وثبت مرداويج في الملك واستفحل أمره فتطاول إلى ملك طبرستان وجرجان وسار إليهما سنة ست عشرة وثلثمائة فانهزم ماكان أمامه واستولى مرداويج على طبرستان وولى عليها أسفهسلان وأمر على عسكره أبا القاسم وكان حازما شجاعا ثم سار إلى جرجان فهرب عامل ماكان عنها وملكها مرداويج وولى عليها صهره أبا القاسم المذكور خليفة عنه ورجع إلى أصفهان ولحق أبو القاسم وهزمه فرجع السائر إلى الديلم ولحق ماكان بنيسابور واستمد أبا علي بن المظفر صاحب جيوش ابن سامان فسار معه في عساكره إلى جرجان فهزمهما أبو القاسم ورجعا إلى نيسابور ثم سار ماكان إلى الدامغان فدفعه عنها أبو القاسم فعاد إلى خراسان.

.استيلاء مرداويج على همذان والجبل وحروبه مع عساكر المقتدر.

لما ملك مرداويج بلاد الري أقبلت الديلم إليه فأفاض فيهم العطاء وعظمت عساكره فلم تكفه جباية أعماله وامتدت عينه إلى الأعمال التي تجاوره فبعث إلى همذان سنة تسع عشرة جيشا كثيفا مع ابن أخته وبها محمد بن خلف وعسكر المقتدر فاقتتلوا وأعان على همذان عسكر الخليفة فظفروا بعسكر مرداويج وقتلوا ابن أخته فسار إليهم مرداويج من الري وهرب عسكر الخليفة من همذان ودخلها عنوة فأثخن فيهم واستلحمهم وسباهم ثم أمنهم وزحفت إليه عساكر المقتدر مع هرون بن غريب الحال فهزمهم بنواحي همذان وملك بلاد الجبل وما وراء همذان وبعث قائدا من أصحابه إلى الدينور ففتحها عنوة وبلغت عساكره نحو حلوان وامتلأت أيديهم من الذهب والسبي ورجعوا.

.خبر لشكري في أصفهان.

كان لشكري من الديلم ومن أصحاب أسفار واستأمن بعد قتله إلى المقتدر وصار في جند هرون بن غريب الحال ولما انهزم هرون أمام مرداويج سنة تسع عشرة وثلثمائة أقام في قرقلنين ينتظر مدد المقتدر وبعث لشكري هذا إلى نهاوند يجيئه بمال منها فتغلب عليها وجمع بها جندا ثم مضى إلى أصفهان في منتصف السنة وبها أحمد بن كيغلغ فحاربه وهزمه وملك أصفهان ودخل إليها عسكره وأقام هو بظاهرها فرأى لشكري فقصده يظنه من بعض جنده أي أحمد فلما تراءى دافع أحمد بن كيغلغ عن نفسه فقتل وهرب أصحابه ورجع ابن كيغلغ إلى أصفهان.

.استيلاء مرداويج على أصفهان.

ثم بعث مرداويج عسكرا آخر إلى أصفهان سنة تسع عشرة فملكوها وجددوا له مساكن أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف فنزلها وعكسره يومئذ أربعون أو خمسون ألفا ثم بعث عسكرا إلى الأهواز وخوزستان فملكوها وجبوا أعمالها وبعث إلى المقتدر وضمن هذه البلاد بمائتي ألف دينار في كل سنة فقررت عليه وأقطعه المقتدر همذان وماه الكوفة.

.قدوم وشمكير على أخيه مرداويج.

وفي سنة ست عشرة وثلثمائة بعث مرداويج رسوله من الجند ليأتيه بأخيه وشمكير فبعث إليه وأبلغه رسالة أخيه وأعلمه بمقامه في الملك فاستبعد ذلك ثم استغربه ونكر على أخيه مشايعته للمسودة لأن الديلم والجيل كانوا شيعة للعلوية بطبرستان فلم يزل الرسول به حتى سار به إلى أخيه فخرج به إلى قزوين وألبسه السواد بعد مراوضة وقدم على أخيه بدويا حافيا مستوحشا فلم يكن إلا أن رهف الملك أعطافه فأصبح أرق الناس حاشية وأكثر الناس معرفة بالسياسة.